السلوك الحضاري
وكالة جراسا الاخبارية :
يطلق الناس تعبير السلوك الحضاري على السلوكيات التي تتفق مع معايير المنطق
والعقل السليم ، ومع القواعد العامة التي يتعارف عليها المجتمع المتجانس ثقافياً واجتماعيا
، ومع الأعراف العامة في ذلك المجتمع ، ومع قواعد الدين التي تنظم السلوك الإنساني
، والسلوك نوعان : السلوك الحضاري ، والسلوك غير الحضاري ' المتخلف ' ويعد السلوك الحضاري
مظهراً من مظاهر وعي المجتمعات وتقدمها ، ويحكم على الأفراد بالتحضر أو التخلف من خلال
السلوكيات التي تصدر عنهم ، والتي تمثل وعيهم وثقافتهم ، ودرجة التزامهم بالمعايير
والمرجعيات التي تنظم علاقات أفراد المجتمع وسلوكهم .
وهناك العديد من السلوكيات اليومية التي تمثل السلوك الحضاري لأي مجتمع من المجتمعات
مثل سلوك النظافة ،فالنظافة سلوك حضاري تحرص عليه كل المجتمعات الراقية كونه يعطي الصورة
المشرقة عن المجتمع الذي يمارسه إضافة إلى الأبعاد الصحية والبيئية والنفسية المترتبة
عليه ، لكن ممارسة هذا السلوك تتم بطريقة خاطئة ،فما نراه في الشوارع والطرقات ، وفي
الحدائق والمتنزهات ، وما نراه من رمي المخلفات بجوانب الطرق ، ومن نوافذ السيارات
، وعلى مدرجات الملاعب وقاعات الدراسة في الجامعات والكليات والمدارس ، يجعل المرء
يتساءل أين هذه السلوكيات من السلوك الحضاري ؟ ومتى يمكن أن يمارس أفراد المجتمع هذا
السلوك كما نراه في العديد من المجتمعات والدول ؟
ومن السلوك الحضاري امتناع الناس عن التدخين في الأماكن الضيقة والعامة ، وفي
المستشفيات وفي العمل ، وأمام الأطفال والطلاب والمرضى وكبار السن ، وفي الاجتماعات
واللقاءات ، فإن الامتناع سلوك حضاري يدل على احترام الآخرين ومشاعرهم ، وعلى المحافظة
على الصحة العامة والبيئة النظيفة ، لكن الملاحظ في الواقع خلاف ذلك فما نشاهده في
المكاتب والأماكن العامة، وفي الاجتماعات ، وفي البيوت يدل على ضعف هذا السلوك الحضاري
الذي يعد علامة على رقي أفراد المجتمع ، وعلى الحس الإنساني المرهف تجاه الآخرين .
ومن السلوكيات الحضارية التي نحن بأمس الحاجة إليها سلوك احترام النظام لما
فيه من تحقيق للعدالة الاجتماعية ، ولما فيه من احترام للآخرين وتقديرهم ، كما أنه
مظهر إيجابي يجعل المجتمع الذي يسوده النظام يحظى بالاحترام والتقدير في زمن الإعلام
المفتوح ، فهل ما نراه من مخالفة للنظام يمثل سلوكاً حضاريا يساعد على تطور المجتمع
وتقدمه ؟ يضاف إلى السلوكيات الحضارية سلوك آداب وقواعد المرور بما يمثله من إعطاء
الطريق حقه، ومن حرية الحركة والتسوق ، ومنع الأذى عن المارة ، لكن الواقع المؤسف يدل
على غياب هذا السلوك حيث نرى الفوضى والتعدي على الطريق ، وتحول الشوارع والطرق إلى
محلات تجارية يعتدى فيها على أبسط حقوق الناس ، كما أن عدم التقيد بقواعد السير يمثل
سلوكاً غريبا عن كل قواعد المنطق والعرف والقانون ، وهذا يستدعي المعالجة والرعاية
من كل الجهات الرسمية والمجتمعية ، كما بفرض على المجتمع أن يضع ذلك ضمن مناهجه ومقرراته
الدراسية .
نسرين المصري
نسرين المصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق